مقدمة: مقولة الأزمات تصنع الفرص أو الأزمات تصنع الثروات، شيء ليس بجديد على حياة البشر، ويحدث في مجالات مختلفة من الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
حدوث الأزمات أمر طبيعي في الحياة وهي نوع من الصدمات الكونية التي قدّرها الله تعالى لتجديد وتبديل أحوال الناس من حال إلى حال حتى يستنهضوا من غفلتهم ويستجمعوا قوتهم ويعيدوا ترتيب أمور حياتهم ويراجعوا أعمالهم لتصبح الحياة مداولة بينهم.
دول تتعاقب وشعوبًا تتصارع وأفراد يبدل الله حال إلى حال قد نراها شر علينا ولا نعلم الحكمة منها؛ لكن في الحياة لا يوجد شرّ محض ولا خير محض، بل بين هذا وذاك فكما تمر على الناس حياة من النعيم والسعادة حتى يبلغوا الترف (مرحلة البذخ والإسراف والتبذير في النعم) إلا وتنقلب أمورهم للجانب الآخر من الضيق والحزن حتى يصلوا مرحلة القنوط أو اليأس نعوذ بالله من ذلك، وهي أحوال تتبدل بين الناس، ليدركوا أن الكون بيد الله العزيز الحكيم.
إذا في الأزمات ماذا يمكن لنا أن نكتشفه من فرص ونعظم بها الثروات؟، أو بمعنى آخر: كيف نستفيد من أزمتنا الحالية بسبب فايروس كورونا الذي بسببه تأزمت الأحوال وضاقت السبل، وأصبح الناس وبخاصة أصحاب الأعمال في حيرة من أمرهم.
والحال كما نرى دروس وعبر من هذا الظرف القاهر والجائحة الموجعة، توقف كثير من الأعمال أصابها الشلل وفقدت توازنها، وأصبح لزامًا عليها النظر في كيفية الخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر أو بأعظم الفرص والثراء.
أين نكتشف الفرص؟
هنا نقف مع أنفسنا ونتأمل أين نجد الفرصة وكيف نصنع الثروة منها، في هذا الخضم يظهر الصراع الفكري والنفسي لأصحاب الأعمال لأنهم الأكثر تعرضًا للمخاطر في أوقات الأزمات، وهو ما يعني أن اكتشاف الفرصة يسبق صناعة الثروة، وهذا أول ما يجب أن نعرفه عند وقوع الأزمات، البحث عن الفرصة وليس الثروة، فبين الأمرين مسافة وشروط لحصولهما، كيف لا يمكن أن تصنع في الأزمات ثروة من عدم، إلا بأمر استثنائي الحدوث، وهو نادر والنادر لا حكم له.
لكن حين تعرف كيف تكتشف الفرصة كصياد السمك الماهر يعرف أماكن السمك ومتى تقترب وتصبح جاهزة لرمي الشباك أو متى وكيف وأين يضع صنّارة الصيد إنها براعة الصياد، فماذا عساك أن تصطاد كصاحب عمل عند حدوث الأزمة وماذا تريد صيده أو اقتناصه لتعظم مكاسبك وتتجاوز محنتك، إذًا الآن أصبحت جاهزًا لرحلة صيد، رحلة البحث عن الفرصة المناسبة لك، فإذا ماكتشفتها فقد اكتشفت كنزًا تصنع به ثروتك.
إذا ما هي الفرصة بالنسبة لك، قد يرى البعض أن الفرصة في وجود المال وأن من لديه المال هو من يصنع الثروة، بالطبع هذا صحيح لكن ليس دائمًا، هناك من يملك المال لكنه لا يستطيع أن يعظم ثروته في الأزمة، لأنه لايعلم مكان الصيد حتى يرمي شباك صيده، فلا يشترط إذا أن يكون لدي المال حتى أحقق الثروة؛ بل هناك فرصًا أخرى قد تكون أعظم من المال، الأفكار الجديدة والابتكارات والاكتشافات العلمية، فرصًا عظيمة تظهر في الأزمات، وكما يقال: الحاجة أم الاختراع ولطالما خرج العالم من أزماته بسبب الإكتشافات العلمية والإختراعات والإبتكارات، كذلك من الفرص العظيمة لخلق الثروات التي يجب أن نكتشفها في الأزمات، الكفاءات البشرية والموارد البشرية المدربة تظهر بشكل كبير في أوقات الأزمات، الذين يصعب عليهم وجود العمل المناسب لهم أو يتخلى أصحاب الأعمال عنهم بسبب الأزمة وفقدان تجارتهم.
هذا النوع من البشر من أعظم الفرص للحصول على الثروات وتعظيم الأصول وصناعتها إذا ما أمكن الحصول عليهم، لأنهم يحملون أفكارًا عظيمة وحلول قوية وسريعة لإنقاذ العمل من الأزمة وهم كالدماء الجديدة تضخ في جسد المريض فيعيد قوته ونشاطه وحيويته، إنه رأس المال البشرية النادر والمهم لنجاح الأعمال.
ملخص المقال:
أولًا: في الأزمات البحث عن الفرص أهم من البحث عن الثروة.
ثانًيا: الفرص ثلاث أشكال: الأفكار، الكفاءات، الأموال ولكل فرصة مجال عمل يناسبها.
ثالثًا: تتنوع فرص الأعمال بتنوع مجالات وأنشطتها.
أمثلة على ذلك:
-في مجال التعامل بالأسهم والعملات والذهب والسندات والأموال عمومًا تكون فرصة وجود المال أهم من باقي الفرص حتى يمكن تعظيم الثروة والمكاسب.
-في مجال الأعمال التجارية والصناعية والزراعية والسياحية والعقارية والإنتاج تكون فرصة الحصول على الكفاءات والموارد البشرية وتوظيفهم أهم لقدرتهم واستعدادهم على النهوض بالأعمال واكتشاف نقاط القوة وتعظيم الأصول.
-في مجال البحث والتطوير والخدمات الاستشارية والخدمات المهنية اكتشاف الأفكار أهم لمضاعفة الثروات.
وفي العموم الأفكار مهمة في جميع المجالات وكذا الأموال وذوي الكفاءات العالية لكن الأمر نسبي ويتوقف على صاحب القرار، هو أدرى بمصلحته وأعلم بسر عمله، هذا باختصار لما علينا فهمه وإدراك أمره، حتى نخرج بسلام ونجني الخير بأمان. وفق الله الجميع لكل خير.