نجح مسلسل العاصوف في تجسيد اقتحام الحرم المكي بدراما راقية وديكور واقعي وإخراج رائع. وأيقظت الحلقة ذاكرة الكثيرين من الذين عاصروا تلك الفترة وشاهدوا كيف حدث ذلك وكيف هز العالم الإسلامي بل والعالم أجمع. بل ويتذكرون كيف منع الناس من العمرة ومن الصلاة في الحرم وذلك في غرة محرم 1400 ولمدة أسبوعين تقريبا.
وتواصلت حلقات ما حدث في الحرم ثم الاقتحام وتحريره وتوجيهات ولاة الأمر والحرص على رأي العلماء وبطولات رجال القوات المسلحة والأمن والحرس الوطني في إنقاذ المسلمين من هذه الفتنة العظيمة.
وهذا المسلسل يؤكد أهمية الاستمرار في إنتاج أفلام ومسلسلات تصاغ بعناية من أجل توثيق الكثير من الأحداث التاريخية التي مرت بها بلادنا.
وهذا ينبه الأسر إلى كيفية متابعة أبنائهم من الاستهداف الفكري وحمايتهم من الغلو والتشدد وكيف قادت أوهام مهلوسة حول فكرة ظهور المهدي المنتظر الذي سينشر الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا إلى هذه الجريمة الكبرى.
وواجه العاصوف انتقادات لنبشه ماضيا انتهى ومضى يربطنا بالتشدد والإرهاب. وهناك من رفض العمل لأنه جاء من ناصر القصبي الذي مازالت بقايا صراعاته مع تيارات في المجتمع تلقي بظلالها على قبول عمل من ممثل له توجهاته دون أن يتمعنوا في العمل.
ومن خلال متابعة للمسلسل فإن الحاجة ماسة لإقامة متاحف تجسد كل الأحداث التي مررنا بها وتشرح للزائر بأسلوب سلس وميسر حجم التضحيات التي قدمها الوطن ضد الإرهاب والتطرف.
ولا يمكن لزائر نيويورك إلا ويذهب لمتحف 11 سبتمبر ويشاهد ما حدث، وكذلك متحف جريفين في باريس وغيرها. ولهذا نريد متاحف لحوادث إرهابية مثل ما حدث في مجمع المحيا والحمراء ومبنى المرور وغيرها ونظهر بطولات شهدائنا، وحتى الأحياء من جنودنا.. فهل ننسى العميد الرحيلي في حادثة الرس أو عواجي في شمال الرياض وغيرهما كثير.
أخيرا؛ إن توظيف الدراما مهم في نقل التاريخ وإيصاله بصورة مؤثرة، وكما استطاع فيلم الرسالة مثلا أن يعرف الملايين بالإسلام فإن المشاهد أيضا عرف بطولات عمر المختار من خلال الأداء الرائع لأنطوني كوين.