اليوم العالمي للتطوع يوم مهم في تاريخنا الإنساني لأنه يوم تذكير بالعمل التطوعي والجهود الكبير التي يبذلها العاملون في هذا المجال وان كنا نحن المسلمون لا نخصص يوما معينًا للاحتفال بالتطوع لأن التطوع قيمة متجذرة في وجداننا وقيمنا ونعيشه واقعًا يوميًا، فالتطوع كما عرفه اللحياني هو "الجهد الذي يبذله أي إنسان بلا مقابل لمجتمعه بدافع منه للإسهام في تحمل مسؤولية المؤسسة التي تعمل على تقديم الرعاية الاجتماعية".
والمتطوع هو الذي يعمل عملًا معينًا طواعية من دون إكراه أو ضغوط خارجية لمساعدة الآخرين بقصد إدخال السرور عليهم.
ويعد العمل التطوعي أصلًا عظيمًا من اصول ديننا، يقول تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )
ويقول أيضا : - ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )، كما أن العمل التطوي والانخراط فيه شرف وخلق عظيم ودليل على قوة الايمان وصاحبه على تدبن وأخلاق، يقول تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ )، كما أن العمل التطوعي هو من شيمة وأخلاق المؤمنين عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)، وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم ألا لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده )، كما أن العمل مهما كان صغيرا فإن صاحبه مثاب، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ)، كمان أن العمل التطوعي يحمل كل معاني الخير وإشاعة المحبة بين الناس، قال تعالى: ( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ).
ومن خلال هذه النصوص يتبين لنا أن العمل التطوعي يمثل قيمة رسالية وركيزة أساسية من ركائز ديننا، فالإسلام عرف العمل التطوعي من عهد النبوة وتناقله الناس جيلًا بعد أجيال، الأندلس كانت منارة للعلم والعمل التطوعي في الوقت الذي كانت أوروبا تعيش في ظلمات التيه والضلال والحروب، ونحن في مملكتنا الحبيبة ومنذ عهد المؤسس إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان -حفظهما الله- شهد العمل التطوعي اهتماما كبيرًا وعززتها رؤية ٢٠٣٠ فالتطوع عندنا لا ينبغي أن يحدد بيوم ولكن يجب أن يكون جزءًا من حياتنا وقيمنا.