الموقف عسير، والحساب غير يسير، ولن ينفعهَم الفرار إن فروا، ولا العذر إن اعتذروا، ولا حتى الصياح إن صاحوا.
وحتى إن حاولوا أن ينتحروا ثم دفنوا ، سوف تنبش أجداثهم، فلربما أنهم يخبئون داخلها شيئا مما سرقوه ونهبوه، فكما أن منهم من قد خبأ ملايين الريالات في خِزانات تحت أرضية مجلسه، أو في مزرعته التي لم يرثها لا من أبيه ولا من جده، لكن مع ذلك تم اكتشاف تلك الخزائن المتخمة بالأموال ثم أخرجت واعيدت لخزائن الدولة.
يا معشر الفاسدين؛ إنه لن تكفي حالة الرعب التي تعيشون فيها، ولا القلق المحيط بأذهانكم، ولا شبح السجن الذي يلاحقكم في سباتكم، وحتى في صحوكم ،.... فقد قرب الأجل – اقصد أجل أن توضع أساور الحديد في معاصمكم – أما أجل الله فهو آت لا محالة.
يبدوا بأن هناك من قد فرغ لكم، ويريد التنكيل بكم، جزاء افعالكم التي لم تراعوا فيها عهدا ولا ذمة، وسوف تتساقطون كأوراق الخريف واحد تلو الآخر.
لا شك بأنكم تعلمون ما الذي ينتظركم من مصير، لذلك تبحثون اليوم عن ملجأ أو مخرج أو مدخلا، اما بطلب النقل إلى منطقة أخرى إن كنتم ما تزالون على رأس أعمالكم، أو تقديم الرغبة للعمل في وجهة أخرى، لتخالطوا داماء جديدة لا يعرفون ماضيكم الأسود المتخم بالفساد والإفساد، وإما بالتقاعد المبكر، بموجب تقرير طبي حصلتم عليه بمساعدة صديق فاسد من أصدقاء " امسك لي واقطع لك "
عبثا تحاولون اخفاء اثار فسادكم، وتحاولون عدم البروز للأضواء، خاصة اليوم بعد أن كنتم تعقدون المؤتمرات، وتنظمون اللقاءات لتوقعوا معاهدات واتفاقيات وهمية، ومشاريع لا توجد سوى على خريطة بنسخة واحدة بحوزتكم ... لكن رائحة الفساد النتنة لا يمكن لأي عطر مهما عظمت جمال رائحته أن يحجبها.
هل كنتم تعتقدون بأن تلك الجرائم التي اقترفتموها في حق الوطن والمواطن من رشوةٍ واختلاسٍ وتبديد المال العام وإساءة استعمال السلطة.... ستمر بسلام؟
أم ظننتم بأن تلك الجرائم البشعة، سوف تكون على رفٍ من أرفف ارشيف التقادم في قبو النسيان؟
هيهات هيهات.... فقد خاب ظنكم، وخاب سعيكم، وبانت سوآتكم، وأصبحتم اليوم في دائرة الاتهام، وتحت طائلة القانون وتُسألون "من أين لكم هذا".
لقد حملتم على ظهوركم من أوزارٍ وذنوبٍ ستحاسبون عليها في الدنيا قبل الاخرة....
وإن تلك القصور والدور والحلل الفاخرة السيارات الفارهة ستدفعون ثمنها دماً وحسرة وندامة.
لقد غركم بإن لا رقابة ولا عقوبة على ما تفعلون، فأسأتم الأدب مع المنصب والجاه حتى صار في عرفكم تشريفاً بحتاً تنهبون باسمه وتسرقون بقوته، بل إنكم جعلتموها أداة تنهبون من خلالها كل غال ونفيس وتمصون دم الوطن، ونسيتم وتناسيتم بأن المنصب تكليفً وأمانه وعهود ومواثيق اُخِذت عليكم من ولي أمركم حتى تُيسروا أمور الخلق، وتسعوا في قضاء حوائج الناس. لا كنكم آثرتم إلا أن تخونوا الأمانة، حتى انتفخت كروشكم من الحرام والغش والتدليس وكان قائدكم في ذلك كبيركم ابليس.
هل يعقل بأن موظفاً على المرتبة الرابعة... بعد عامين فقط يكون من وجهاء البلد... وقد كان في عناء من العيش وكبد، واليوم أصبح له مال وعقار بلا حصر وبلا عدد... وحين تسأله من اين لك هذا؟
يمسح على كرشه الذي اتسع لكل شيء، ويُرجع ظهرها إلى الوراء ثم ويقول: هو من عند الله!
وعليك التظاهر بأنك قد صدقته، لكن ذلك لا يدخل حتى عقل الصبي، ولا المجنون ولا عاد له لبه....
والأقبح منه صاحب السلطة الذي لديه المال والجاه معا، لكن عيناه لا يملئهما إلا التراب، فاستغل سلطته واستعملها لتحقيق مأربه الأخرى، فجعل الحق باطلا والباطل حقا وأعماه الجشع، وظن أن لا حساب ولا مسائلة وأن التقادم يمحوا فساده.
مسألة وقت فقط حتى يتم الإطاحة بكل مفسد، يعني على كلٍ منهم أن ينتظر دوره، لا شك بأن القادم سيكون شديد عليهم... (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنقَلبٍ يَنقَلِبُونَ). سورة الشعراء الآية 227.