نسير في الحياة دون وعي لتفاهتها، وسلبها لعزيزٍ غالٍ في جوف الأرض ..
نستعظم المشاعر تجاهها ونُكبّر الصغائر لتنثر كل باب مودَّة، وتخرس كل صوت لقاء؛ حتى إذا ماداهمتنا يد المنون اغتالت سكون اللحظات، وأخفتت فرح الاجتماعات، وأثخنت القلب بجرحٍ رويّ بدمعٍ حزين.
لطالما أصبنا جميعاً بمنغصات الحياة، وأصابتنا بسهام أيقونة الفقد ولازمتنا كثيراً، لكن فقد الأحبة وجعٌ تتكسَّر على أثره أسنّة القلب بملامح الألم، وتغور بلجَّة اللحظة تناهيد السَّقم، وتطعن محاجر الوداع هدير السَّهم؛ لتنمو على صفحة القلب ذكرى تفاصيل الأنين، ويغور وطن الشعور في لجّة الحزن الدفين.
شهرٌ مضى وصوتٌ حزين تهوي به الريح في غسق الدُّجى، يثير في الروح صوت الفجيعة بوضوح، فلازالت رائحة الموت تفوح، والدموع بثقلٍ تهمي بنزوح.
شهرٌ مضى وسكون الوداع تخطفه طيوف نسمات الليل البهيم، وموجة الفقد تطفو وتغور في أعماق القلب السقيم، وشجو الفؤاد لحن حزين يشدو به مرّ الواقع بصوتٍ رخيم.
شهرٌ مضى وقد سكن شقيق قلوبنا (تركي) قبره، لعلَّها هطلت عليه من الرحمن سحائب الرحمة بسخاء، ولعلَّ شآبيب المغفرة تلقّفته بنقاء، ولعلَّ الملائكة استقبلته بجنة نعيمٍ بلا شقاء.
لقد مرّت المصيبة سريعاً وتبقّت تفاصيلها، وانتشلت منّا فرحة العيد بحزنٍ جديد.
حين غيّبك الموت انفرط عقدنا، وسقطت بثقلٍ كبرى حباتها، وانكسر غصن شجرتنا لتهوي كبرى ورقاتها.
نحمدالله على قضاءه، وعلى خير عطاءه، ونبثّه شكراً فوق أرضه وتحت سماءه أن منحنا بالمحن قوة همم، وأجرى على أفواهنا لساناً شاكراً داعياً .