يكثر الحديث عن الإسكان بصفة عامة، والاستثمار فيه خاصة، وأود أن أعلق على موضوع الاستثمار في المساكن؛ لأن الكثير تغيب عنه جوانب مهمة في هذا الموضوع أحب أن اطرحها باختصار شديد:
أولا: آيات كريمة في كتاب الله وأحاديث من السنة النبوية نصت صراحة وضمنا على أهمية توفير المسكن وأنه من الحاجات الاساسية التي يجب على الدولة والقطاع الخاص توفيره للمواطن والمقيم أو تسهيل اجراءات الحصول عليه ؛ وهو أحد المتطلبات الأساسية لضرورات الحياة: (المطعم، المسكن، الملبس) فلا تستقيم الحياة الا بها؛ لذا يجب توفر حد الكفاية من المسكن وليس حد الكفاف سواء للمواطن أو المقيم حتى سكن العمالة يجب تحقيق الحد الأدنى من متطلبات المسكن وهو حد الكفاية وليس الكفاف حتى يصبحوا في بيئة سكنية آمنة.
ثانيا: أن تامين السكن لازم للمحافظة على الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة الاسلامية لحفظها (الدين، النفس، والعقل، العرض، المال) حفظ (النفس والعرض) لا يمكن تامينهما إلا بالسكن فلا يمكن المحافظة على النفس من الاعتداء أو القتل إلا بالسكن ولا يكتمل الزواج وحفظ العرض إلا بالسكن ولا يمكن حفظ ممتلكات الفرد من السرقة الا بالسكن؛ لهذا جاءت ضرورة المسكن في الحياة لتوفير حياة آمنة مطمئنة.
ثالثا: يعتقد البعض أن رسوم الأراضي البيضاء ورسوم المقابل وغيرها سوف تفي بتوفير الوحدات السكنية في المملكة التي يتطلب توفيرها مئات المليارات، وليس عشرات المليارات، وعلى فرضية أن متوسط سعر الوحدة ٥٠٠ ألف ريال شاملة جميع التكاليف (الأرض والبناء والمصاريف الأخرى) وعدد طالبي المساكن أربعة مليون شخص معنى ذلك أن الاحتياج المالي يساوي ألفين مليار ريال (ترليوني ريال) ولهذا جاءت مستهدفات رؤية المملكة في توفير المساكن بدءا بتوفير الاراضي الصالحة للسكن وتشجيع المطورين للاستثمار في المساكن، أما الرسوم التي تحصل عليها الدولة من الأراضي والمقابل وغيرها جاءت لتحسين الخدمات العامة ، وهي لا تشكل الا مبلغا بسيطا في مقابل احتياجات الدولة للمساكن حتى رسوم الاراضي البيضاء، ما زال تحصيلها ضعيف جدا فهي مخصصة لدفع ايجارات الاسر الضمانية وتامين مساكن لهم والتي تعرف بالاسكان التنموي.
رابعًا: ذكر صاحب السمو الملكي ولي العهد محمد بن سلمان وقائد رؤية المملكة 2030م في مقابلته مع تركي الدخيل على قناة العربية في 2016/04/25م بأن أكبر تحديين تواجههما الرؤية وتسعى لحلهما: الإسكان والبطالة، وبين أن هناك طلبات مهولة يومية على بوابة وزارة الاسكان لطلب مساكن؛ لان ٧٠٪ من السعوديين أعمارهم تقل عن ٣٠ سنة وهم بازدياد، وتهدف الرؤية لرفع نسبة تملك المساكن من ٤٧٪ إلى ٥٢٪ وهي تخشى - حسب قول ولي العهد - إنها تنزل عن نسبة ٤٧٪ والمحافظة على هذه النسبة يعتبر إنجاز.
خامسا: عدد المتقدمين للمساكن في وزارة الإسكان قارب المليونين شخص وعدد الأسر الضمانية قرابة المليون شخص وغيرهم خارج الحسبة يصل الى المليونين تقريبا لم يسجلوا منهم أسر غنية ومواطنين ما زالوا غير مسجلين علمًا أن وزارة الاسكان استهدفت بناء ٣٦٠ الف وحدة سكنية بنهاية ٢٠٢٠م وحتى الأن لم توفر سوى ١٥٠ ألف وحدة من خلال مطورين عقاريين.
سادسا: أن الفرص الموجودة في قطاع الإسكان في المملكة هي المحرك الحقيقي لهذا القطاع ولكثير من الأنشطة الاقتصادية، ولهذا جاء الاهتمام بالإسكان من خلال الدعم الحكومي والقروض العقارية للمواطنين وتطوير الأنظمة التمويلية والإقراض في البنوك وشركات التمويل.
هذا ما أحببت إضافته بشأن الاستثمار في المساكن لأهميته وتأثيره في النشاط الاقتصادي والناتج المحلي في المملكة ولا يتسع المقام للتفصيل.
_______
مستشار اقتصادي
مطور عقاري مؤهل
د. سليمان بن صالح الطفيل يكتب | الاستثمار في الإسكان وجهة نظر اقتصادية خاصة
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://barq-org.sa/articles/%d8%af-%d8%b3%d9%84%d9%8a%d9%85%d8%a7%d9%86-%d8%a8%d9%86-%d8%b5%d8%a7%d9%84%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%81%d9%8a%d9%84-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%ab%d9%85%d8%a7/