رحم الله الاديب والأستاذ والمربي الفاضل محمد بن عبد الله الحميَّد رئيس نادي ابها الادبي وعضو مجلس الشورى سابقاً اعرفه منذ ان كنت طالباً في المرحلة الابتدائية ثم ازدادت علاقتي ومعرفتي به رسوخاً بعد التحاقي بالعمل الوظيفي في فرع هيئة الرقابة والتحقيق بمنطقة عسير وكان حينها يعمل بالشئون الصحية بمنطقة عسير ـ مدير إدارة التفتيش ـ وقد شاركته في العديد من اللجان فكان على قدر كبير من الوعي والفهم وبعد النظر وقد استفدت منه كثيراً في حياتي الوظيفية .
اشتركت مع المذكور في لجنة مكونة من وزارة الداخلية والشئون الصحية وفرع الهيئة بمنطقة عسير للتحقيق مع طبيبين بإحدى مستشفيات منطقة جازان لقيامهما بتوقيع تقرير طبي لأحد الأشخاص للحصول على رخصة قيادة دون أن يتم الكشف عليه أو يحضر للمستشفى وقد تبين ان المذكورين وقعا التقرير بحسن نية حين قام احد المستخدمين بالمستشفى بوضعه ضمن مجموعة من التقارير والأوراق فوقع عليه الاثنان في زحمة العمل ودون أن يكتشفا عدم حضوره وقد اقر المستخدم بذلك وأخذ جزاءه في حينه ضمن مجموعة من المدانين في القضية وأثيرت قضية الطبيبين كقضية فرعية.
وبعد التحقيق مع الطبيبين وسماع اقوالهما واعتراف المستخدم بقيامه بوضع التقرير ضمن عدة تقارير اعدت اللجنة تقريراً اوصت فيه بمجازاتهما تأديبياً بالحسم من الراتب فقط لقاء عدم تحرّيهما الدقة والتأكد من حضور الشخص واجراء الكشف الطبي عليه قبل توقيع التقرير وبعرض تقرير اللجنة على معالي رئيس هيئة الرقابة والتحقيق السابق الشيخ محمد بن عبد العزيز بن زرعه ـ وكان قانونياً متمكناً ـ أعاد القضية بخطاب مضمونه ان على اللجنة توجيه الاتهام للطبيبين بالتزوير في محرر رسمي وان تقترح احالتهما لديوان المظالم لمحاكمتهما عن جريمة التزوير واجتمعنا مرة أخرى في مدينة جازان وتدارسنا الموضوع وكان رأي الأستاذ الحميِّد ان نبقى على رأينا السابق وان نوضح بأن اللجنة عايشت القضية واستمعت لأقوال المذكورين ووقفت على ظروفها وملابساتها ولمست فيهما حسن النية وعدم توفر القصد الجنائي او ما يعبر عنه بالركن المعنوي وهو احد اركان جريمة التزوير سيما وسمعتهما حسنة وملفاتهما خالية من أي سوابق تأديبية واقنعنا ـ رحمه الله ـ بأن نشير في نهاية التقرير بأن هذا رأي اللجنة ولا زالت عليه وهو يعبر عن وجهة نظرها وليس ملزماً لأي جهة أخرى واتفقنا على ذلك واعددنا تقريراً الحاقياً بهذا المضمون وحين اطلع معاليه مرة أخرى على القضية بما فيها التقرير الأخير اقتنع بمرئيات اللجنة وتمت اجازته والموافقة عليه .
لقد تعلمت من الأستاذ الحميد الشيء الكثير ومنها الشجاعة في إبداء الرأي متى كنت مقتنعاً به سواءاً وافق عليه المسئول أم لم يوافق .