كنت منتدباً لموسم الحج عام 1403هـ او 1404هـ على ما أذكر، وتم تكليفي أنا والزميل برئاسة الهيئة بالرياض الأستاذ غازي عبد الحميد مشخص بزيارة أحد المستشفيات العامة بمكة المكرمة، وذلك للتأكد من وجود بعض الأجهزة والمعدات الطبية المؤمنَّة حديثاً للمستشفى بحيث نتأكد من تأمينها ودخولها المستودع وما صرف منها وما تبقى وفقاً للإجراءات المستودعيه وتم تسليمنا بياناً بتلك الأجهزة والمعدات.
وقابلنا مدير المستشفى وكان زميلي الأستاذ غازي هو الذي بدأ الحديث معه وشرح له مهمتنا بحكم أنه يكبرني سناً ومرتبة فضلاً عن أنه يعمل بإدارة الرقابة المالية بالهيئة ولديه إلمام وخبرة في الإجراءات المالية الواجب تطبيقها وكان الزميل غازي يتحدث باللهجة المصرية الخالصة بحكم دراسته الثانوية والجامعية في جمهورية مصر العربية الشقيقة وأعتقد أن مدير المستشفى ظن أنه أحد الأخوة المصريين المتعاقدين مع الهيئة وأن وجودي معه كان لمجرد تكملة الرقم وأنه هو الآمر والناهي وبعد انتهاء الأخ غازي من حديثه شنَّ علينا مدير المستشفى هجوماً عنيفاً واتهم الهيئة ومنسوبيها بأنهم يتصيدون الأخطاء ويبحثون عن الزلات وأردف قائلاً هذه الأجهزة الطبية لا تعرفون عنها شيئاً وتحتاج إلى متخصصين يستطيعون تقييمها وتقرير مدى صلاحيتها من عدمه وحين انتهى من حديثه بادرت بالرد عليه وقلت له أولاً نشكرك على هذا الهجوم العنيف ويبدو لي أنك تريد الشفافيه والوضوح اسمح لي أن اقول لك أن رقابة الهيئة على الإدارات والمصالح الحكومية ليست لتصيد الأخطاء أو البحث عن الزلات فالكمال لله وحده ومن لا يعمل لا يخطئ لكنها رقابة تعاونية تساعد المسؤول أياً كان موقعه في كشف الأخطاء او القصور في إدارته التي قد لا يعلم عنها فالمفروض أن ترحب بنا وتفرح بزيارتنا للمستشفى ونحن لن نقيَّم مستوى هذه الأجهزة أو صلاحيتها من الناحية الفنية بل نريد التأكد فقط من تطبيق الإجراءات المالية وفقاً للأنظمة والتعليمات من إدخالها المستودع بموجب مذكرات إدخال وصرفها بمذكرات إخراج وطلبات صرف مواد والجهة المسلمة لها ...إلخ .
ثم اردفت قائلاً ترى أخي وزميلي الأستاذ غازي سعودي الأصل والمنشأ والولادة لكنه تأثر باللهجة المصرية أثناء دراسته في مصر الشقيقة وأعتقد أنك تعرف والده فهو علم من الأعلام ورمز من رموز المجتمع وأحد أعيان مدينة جده إن والده هو الأستاذ عبد الحميد مشخص رئيس نادي الاتحاد سابقاً ففوجئ بذلك وظهرت عليه علامات الحرج والتأثُّر وأبدى أسفه واعتذاره عمَّا بدر منه وسأل الأستاذ غازي عن والده وقال إنه معروف لديه ثم نادى على مدير المستودع وأمره بمرافقتنا والتعاون معنا في تنفيذ مهمتنا.
وبالمناسبة فقد استعانت الهيئة في السنوات الأولى من تأسيسها بنخبة مميزة من أبناء جمهورية مصر العربية الشقيقة من المؤهلين علمياً وعملياً في مجال القانون ممن عملوا في القضاء العام والقضاء الإداري أو النيابة العامة وهيئة قضايا الحكومة أو النيابة الإدارية واستفادت الهيئة من خبراتهم وتجاربهم ولا زالت بصماتهم واضحة في عمل الهيئة في دراسة القضايا وإعداد التقارير وقرارات الاتهام واللوائح الاعتراضية أذكر من هؤلاء كبير المستشارين بالهيئة مجد الدين عزام وأحمد فتحي مبارك وأحمد خليل عسران ومحمد الدمرداش ومحمد سعيد وعطيه الجعار وأحمد البساطي وغيرهم رحم الله من توفى منهم ومتع الله الأحياء بالصحة والعافية.