من رجالات الأفلاج والدي العزيز عبدالله بن مسفر بن ناصر العثمان، ولد عام ١٣٥٧هـ في حي الديرة شرقي مدينة ليلى، تحمل منذ نعومة أظفاره مسئوليات عظام، سافر للعمل في مدينة الرياض وهو في الرابعة عشرة من عمره، أكمل دراسته الابتدائية في الفترة المسائية في مدرسة تقع على شارع عسير وسط العاصمة السعودية، بعدها توجه للدراسة بالمعهد الفني الملكي في حي العمل وتخرج منه بعد سنتين دراسيتين، التحق بالعمل الحكومي كبيرا للمحررين في المكتبة العامة بحي دخنة، كان رئيسه في تلك الفترة الأديب السعودي زيد الفياض رحمه الله.
في مكتبة دخنة التقى بأعلام الفكر والأدب السعودي البارزين من أمثال الشيخ عبدالله بن خميس، والشيخ حمد الجاسر، وغيرهم، بعد مدة عاد لمسقط رأسه محافظة الأفلاج وعمل موظفا إداريا في إدارة التعليم (مكتب إشراف - إدارة مستقلة) لستة وثلاثين عاما، قضاها في قسمي: المالية والمستودعات المركزية، أسندت له خلالها مهام عديدة.
اهتم الوالد قديما بالعمل التطوعي فكان من أوائل من انضموا لعضوية لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية الرئيسة في محافظة الأفلاج، كما انخرط في العمل الشبابي الرياضي الاجتماعي الثقافي عضوا ونائبا لرئيس نادي التوباد لسنوات طويلة.
للوالد اهتمامات متعددة من أبرزها: الحفاظ على الموروث الشعبي والمقتنيات القديمة، شعر العرضة وأهازيج الحرب، المرويات الشفهية والقصص المحكية عن كبار السن، رعاية بعض الأسر ذات الدخول المتدنية، إفطار الصائمين من الجاليات.
عمل الوالد مؤذنا في مسجد الرابعي في الجزء الشرقي من مدينة ليلى، بعدها انتقل لمسجد أحمد بن حنبل في حي الغربية، ثم إماما في مسجد حي التوباد حتى تقاعده من العمل الوظيفي.
عرف الوالد رحمه الله بالجدية والحزم وقوة البأس والإصرار، ومع ذلك فقد كان لين الجانب مع الفئات المحتاجة والبائسة.
للوالد رحمه الله مشاركات عديدة على مستوى المحافظة، من أبرزها: تنظيم احتفالات المحافظة بعيد الفطر المبارك، سباقات الخيل الموسمية، الأسابيع التوعوية، استقبال ضيوف المحافظة من مسئولي الدولة في زياراتهم التفقدية، المطالبة باحتياجات المحافظة حضوريا وعند طريق المراسلات الرسمية، وغيرها.
إلى آخر حياته رحمه الله كان شديد الاهتمام بشئون نادي التوباد في كل صغيرة وكبيرة، بل كان يتواصل هاتفيا مع رئيسه في تلك الحقبة الأخ عبدالله الحمدان كل ما سنحت له فرصة مؤاتية، مواقف الوالد مع النادي عديدة لايمكن حصرها، ومنها دعمه المادي المتوالي وتشجيعه للفئات السنية والألعاب المختلفة فيه.
اعتنى الوالد بتعليم أبناء وبنات الأسرة، وحرص أشد الحرص على أن ينهلوا من حياض المعرفة وينابيع الثقافة، في زمن كان التعليم في طور نشأته الأولى، كما كانت له عناية فائقة بميادين الفكر المختلفة، خاصة في الجانب الديني والتربوي، في عام ١٤٠٨هـ أهداني الوالد بمناسبة النجاح كمبيوتر “ صخر “؛ للإفادة منه.
من الأمور التي تخفى عن الكثير أن الوالد رحمه الله ولقلة الكوادر المؤهلة في سنوات خلت مارس التدريس النظامي في إحدى مدارس مدينة الرياض لفترة وجيزة، إبان أزمة توتر العلاقات السعودية المصرية في عهد الملك سعود - طيب الله ثراه - والرئيس المصري جمال عبدالناصر؛ بسبب تدخل القوات المصرية في الشأن اليمني.
قبيل وفاته بشهرين تقريبا أوصاني والدي رحمه الله وبإلحاح شديد بشراء الأضاحي والعناية بها حتى موعد ذبحها في أول أيام عيد الأضحى المبارك، كل ذلك كان من شدة عنايته واهتمامه البالغ بهذه الشعيرة، غالبا ما كان يضحي عن نفسه، وعن والديه وأعمامه، وعن أخته الكبرى وابنها رحمهم الله جميعا، أوقف في حياته جزءا من ماله الخاص في أوجه الخير المختلفة.
أصيب الوالد في آخر حياته بأمراض الشيخوخة من ضغط وسكري حتى أقعد على فراشه، كان فيه كالجبل الأشم صابرا محتسبا قوي العزم، توفي رحمه الله في مستشفى الأفلاج بعد أن فقد الوعي لمدة شهر تقريبا، صلى عليه محبوه وجموع غفيرة في جامع التوحيد في ١٤٣٣/١١/٢٣هـ.
_______
.عبدالله العثمان
.عثمان العثمان
عثمان بن عبدالله يكتب: رحلَ وَالِدي.. ولازَالَت ذِكراهُ حيةً بَاقية
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://barq-org.sa/articles/%d8%b9%d8%ab%d9%85%d8%a7%d9%86-%d8%a8%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%b1%d8%ad%d9%84%d9%8e-%d9%88%d9%8e%d8%a7%d9%84%d9%90%d8%af%d9%8a-%d9%88%d9%84/