الماضي القريب مليء بالمعاناة المتمثلة في مراجعتنا لبعض الإدارات الحكومية أو الشركات، ليست البيروقراطية وحدها التي كانت سبباً في تأخير المعاملات لأيامٍ واسابيعٍ، بل ربما لأشهر وسنوات، لكن بعض الموظفين المتسلطين هم من كان يزيد الأمر تعقيدا.
فكان ذلك الموظف يزداد تسلطاً وجلافة عندما يعتمد على قوة النظام الذي كان في أغلب الأحيان يطبقه بحذافيره.
هناك من الموظفين من كان يستمتع بتأخير وتعقيد المعاملات، مهما كانت صغيرة أو كبيرة حتى لو لم يتبقى عليها سوى توقيع معالي الموظف إلا أنه يأمرك بأن تعود في الغد لمجرد أنك أتيت بعد الظهر، أو لأنه يرى صعوبة في أن يستل قلمه الفاره فيهبك قطرات من حبره الثمين.
كانت المشكلات تتفاقم، والضغطات تتزايد على هذه الإدارة أو تلك، جراء تأخير المعاملات الغير مبرر سوى أن صاحبنا المتسلط يحبذ ذلك، وقد وكل إيله أمر الناس فشق عليهم، إلى أن وصل الأمر ببعض المراجعين للسفر إلى مناطق بعيدة، أو البحث عن إدارات أخرى في نفس المنطقة لإنهاء معاملاتهم فيها، وذلك بسبب تعنت أولئك الموظفين المتسلطين.
أما اليوم فهناك تسلط من نوع آخر، وهذه المرة ليس بصورة مباشرة ولكن من خلال بعض المواقع الإلكترونية التي تعتبر اشد تعقيدا وتسلطا من الموظف المتسلط انفسه، إنك تلتمس سلوكا وتعاملا فظاً من خلال هذا الموقع المعقد، الذي لم يتم تطويره منذ أن تم إنشاءه.
وكما أن الموظف المتسلط كان يخلق الكثير من المشكلات في المنظمات الحكومية منها والخاصة، فإن المنصات والمواقع الإلكترونية تخلق الكثير من المشكلات إيضا، والتي تعتبر عائقا في إنهاء إجراءات المستفيدين من مواطنين ومقيمين وزائرين.
لا أريد أن أذكر تلك المواقع التي تعتبر حجر عثرة في تحقيق رؤية المملكة 2030، ولا أعتقد بأنه ستدرج ضمن مشاريع جودة الحياة، إن بقيت على حالها دون تطور وتحديث ومتابعة دائمة.
فإنه من الواجب المسارعة لحل تلك المعوقات والمشكلات التي تطرأ على تلك المنصات والمواقع، والإصغاء لآراء المستخدمين واقتراحاتهم، الذين هم في نهاية المطاف المستهدفين لتلقي الخدمات المقدمة.
لقد وصل المستخدم لبعض تلك المواقع إلى مرحلة صعبة من الإحباط والغضب، لدرجة أنه يتمنى أن يعود الموظف المتسلط لينجز له معاملته وإن طالت الأيام فقد يكون أرحم من تعقيد وجمود تلك المواقع التي ربما لا تنوي إداراتها أن تغير من حالها لتواكب بعض المواقع الإلكترونية الحكومية المشرفة، التي نفخر بها حقا، ونعتبرها أنموذجا رائعا يحتذى به في سهولة وسلاسة الاستخدام، وتعدد الخدمات وسرعة الإنجاز في وقت قياسي غير مسبوق.
ومن أبرزها وأشهرها موقع أبشر، التابع لوزارة الداخلية، الذي أكرمنا الله به، فسهل علينا هذا الموقع الرائع صعاباً جم، وأصبح المستخدم له ينجز معاملاته وهو مستلقٍ على فراشه، أو في أي زمان أو مكان، دون الحاجة للمراجعة، إلا في حالات نادرة جدا، وتكون ميسرة وغاية في السهولة، كاستخراج أو تجديد الهوية الوطنية على سبيل المثال.
فتحية إجلال وإكبار لوزارة الداخلية التي أنشأت هذا الموقع المتميز، وكلنا أمل أن تسير باقي الوزارات والشركات الحكومية والخاصة على نفس الخُطى وبنفس المستوى والجودة والإتقان.
علي بن أحمد السحاري

علي السحاري يكتب: “برق ورعد”.. أعيدوا لنا الموظف المتسلّط!
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://barq-org.sa/articles/%d8%b9%d9%84%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%ad%d8%a7%d8%b1%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%a8%d8%b1%d9%82-%d9%88%d8%b1%d8%b9%d8%af-%d8%a3%d8%b9%d9%8a%d8%af%d9%88%d8%a7-%d9%84%d9%86%d8%a7/