منذ ما يزيد على عشرين سنة مرت بي أزمة خانقة كادت أن تودي بي، ولولا أن ربط الله تعالى على قلبي كدتُ أهلك، ومن عجيب تصاريف الأقدار ما ساقه الله لعبده من خلال أحاديث مصنوعة على ألسنة ببغاوات مازالت أحفادها تعمر شجرة توت على باب المسجد.
وحينها كتبتُ مجموعة مقالات نُشرت في مجلة الأندلس أسميتها: "أحاديث الأطيار في الأسحار"، في حكمة البلاء والصبر.
كنتُ ومازلت أعتقد أن بين جميع المخلوقات لغات تتواصل من خلالها وتبث شجواها وشكواها.
وفي ليلة أمس بينما كنا في صلاة التهجد تسرب إلى مسمعي صوت الدّرة قبل الفجر بقرابة ساعتين، لم يكن ذاك الصوت ببعيد عني ولا غريب علي، ولم يكن صيحة دوّت ثم صمتت، بل كانت نغماً متسقاً وشدواً يأخذ بعضه بمجامع بعض كأنما هي موجات تتابع.
فاغتنمت ما بين الصلوات وسألتُ الناس: هل تسمعون ما أسمع من شدو الببغاوات؟، قالوا نعم: فقلت: استبشروا خيرا فإن هذه الطيور تسبح الله تعالى في غير الوقت الذي اعتادته، فلعل ذلك من بشريات القبول في هذه الليلة.
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة وحسن الخاتمة والرضوان
محمد كمال - فونخرولا - أسبانيا